نـــــــــــشـــــــــــأتـــــــــــه
لد طه يوم الجمعة 15 نوفمبر
1889، سابع أولاد أبيه حسين الثلاثة عشر، في قرية الكيلو قريبة من مغاغة إحدى مدن
محافظة المنيا في الصعيد الأوسط المصري وما مر على عيني الطفل أربعة من الأعوام حتى
أصيبتا بالرمد ما أطفا النور فيهما إلى الأبد، لكن عوضه الله ببصيرة نافذة، وذهن
صاف، وفؤاد ذكي، وعقل متفتح صغر بإزائه فقد البصر، والحرمان بنعمة التلذذ بجمال ما
في الوجود وكان والده حسين عليّ موظفًا صغيرًا رقيق الحال في شركة السكر
أدخله أبوه كتاب القرية للشيخ
محمد جاد الرب، لتعلم العربية والحساب وتلاوة القرآن الكريم وحفظه في مدة قصيرة
أذهلت أستاذه وأترابه ووالده الذي كان يصحبه أحيانا لحضور حلقات الذكر, والاستماع
عشاء إلى سيرة عنترة، وأبو زيد الهلالي
تــــــــــــعـــــــــــلــــــــــيـــــــــمــــــــــه
سنة 1902 دخل طه الأزهر
للدراسة الدينية, الاستزادة من علوم العربية, فحصل فيه ما تيسر من الثقافة، ونال
شهادته التي تخوله التخصص في الجامعة, لكنه ضاق ذرعا فيه, فكانت الأعوام
الأربعة التي قضاها فيه, وهذا ما ذكره هو نفسه، وكأنها أربعون عاما وذلك بالنظر إلى
رتابة الدراسة, وعقم المنهج, وعدم تطور الأساتذة والشيوخ وطرق وأساليب التدريس
ولما فتحت الجامعة المصرية
أبوابها سنة 1908 كان طه حسين أول المنتسبين إليها، فدرس العلوم العصرية, والحضارة
الإسلامية, والتاريخ والجغرافيا, وعدداً من اللغات الشرقية كالحبشية والعبرية
والسريانية, وإن ظل يتردد خلال تلك الحقبة على حضور دروس الأزهر والمشاركة في
ندواته اللغوية والدينية والإسلامية.دأب على هذا العمل حتى سنة 1914, وهي السنة
التي نال فيها شهادة الدكتوراة وموضوع الأطروحة هو:"ذكرى أبي العلاء" ما أثار ضجة
في الأوساط الدينية المتزمتة, وفي ندوة البرلمان المصري إذ اتهمه أحد أعضاء
البرلمان بالمروق والزندقة والخروج على مبادئ الدين الحنيف
وفي العام نفسه, اي في عام
1914 أوفدته الجامعة المصرية إلى مونبيلية بفرنسا، لمتابعة التخصص والاستزادة من
فروع المعرفة والعلوم العصرية، فدرس في جامعتها الفرنسية وآدابها, وعلم النفس
والتاريخ الحديث.بقي هناك حتى سنة 1915, سنة عودته إلى مصر, فأقام فيها حوالي ثلاثة
أشهر أثار خلالها معارك وخصومات متعددة, محورها الكبير بين تدريس الأزهر وتدريس
الجامعات الغربية ما حدا بالمسؤولين إلى اتخاذ قرار بحرمانه من المنحة المعطاة له
لتغطية نفقات دراسته في الخارج, لكن تدخل السلطان حسين كامل حال دون تطبيق هذا
القرار، فعاد إلى فرنسا من جديد, لمتابعة التحصيل العلمي، ولكن في العاصمة باريس,
فدرس في جامعتها مختلف الاتجاهات العلمية في علم الاجتماع والتاريخ اليوناني
والروماني والتاريخ الحديث وأعد خلالها أطروحة الدكتوراة الثانية وعنوانها
الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون
كان ذلك سنة 1918 إضافة إلى
إنجازه دبلوم الدراسات العليا في القانون الروماني, والنجاح فيه بدرجة اللإمتياز،
وفي غضون تلك الأعوام كان تزوج من سوزان بريسو الفرنسية السويسرية التي ساعدته على
الاضطلاع أكثر فأكثر بالفرنسية واللاتينية, فتمكن من الثقافة الغربية إلى حد بعيد
كان لهذه السيدة عظيم الأثر
في حياته فقامت له بدور القارئ فقرأت عليه الكثير من المراجع، وأمدته بالكتب التي
تم كتابتها بطريقة بريل حتى تساعده على القراءة بنفسه، كما كانت الزوجة والصديق
الذي دفعه للتقدم دائماً وقد أحبها طه حسين حباً جماً، ومما قاله فيها أنه "منذ أن
سمع صوتها لم يعرف قلبه الألم"، وكان لطه حسين اثنان من الأبناء هما أمينة ومؤنس
مــــنــــاصــــب وجـــــوائـــــز
اضطلع طه حسين خلال تلك
الحقبة, وفي السنوات التي أعقبتها بمسؤوليات مختلفة, وحاز مناصب وجوائز شتى, منها
تمثيلة مصر في مؤتمر الحضارة المسيحية الإسلامية في مدينة فلورنسا بأيطاليا, سنة
1960، وانتخابه عضوا في المجلس الهندي المصري الثقافي, والأشراف على معهد الدراسات
العربية العليا، واختياره عضوا محكما في الهيئة الأدبية الطليانية والسويسرية, وهي
هيئة عالمية على غرار الهيئة السويدية التي تمنح جائزة بوزان. ولقد رشحته الحكومة
المصرية لنيل جائزة نوبل،
وفي سنة 1964 منحته جامعة الجزائر الدكتوراة الفخرية, ومثلها فعلت جامعة بالرمو
بصقلية الإيطالية, سنة 1965. وفي السنة نفسها ظفر طه حسين بقلادة النيل, إضافة إلى
رئاسة مجمع اللغة العربية, وفي عام 1968 منحته جامعة مدريد شهادة الدكتوراة
الفخرية، وفي سنة 1971 رأس مجلس اتحاد المجامع اللغوية في العالم العربي, ورشح من
جديد لنيل جائزة نوبل، وأقامت منظمة الأونسكو الدولية في اورغواي حفلاً تكريمياً
أدبياً قل نظيره.و أيضا كان وزيرا للتربية والتعليم في مصر
أســــــاتــــــذتـــــــه
اول أستاذ لطه حسين, كان
الشيخ محمد جاد الرب, الذي علمه مبادئ القراءة والكتابة والحساب، وتلاوة القرآن
الكريم في الكتاب الذي كان يديره بمغاغة في عزبة الكليو.
في الأزهر تلقى العلم على يد
عدد من الأساتذة والمشايخ أبرزهم حسين المرصفي, والشيخ مصطفى المراغي, والشيخ محمد
بخيت, والشيخ عطا, والشيخ محمد عبده, وقد أعجب بادئ الأمر كثيراً بآراء هذا الأخير
واتخذه مثالاً في الثورة على القديم والتحرر من التقاليد.
في الجامعة المصرية تتلمذ على
يد كل من أحمد زكي في دروس الحضارة الإسلامية, أحمد كمال باشا, في الحضارة المصرية
القديمة, والمستشرق جويدي في التاريخ والجغرافيا. اما في الفلك فتتلمذ على كرنك
نللينو, وفي اللغات السامية القديمة على المستشرق ليتمان، وفي الفلسفة الإسلامية
على سانتلانا, وفي تاريخ الحضارة المشرقية القديمة على ميلوني، والفلسفة على
ماسينيون, والأدب الفرنسي على كليمانت.
أما في جامعة باريس فدرس
التاريخ اليوناني على غلوتسس, والتاريخ الروماني على بلوك, والتاريخ الحديث على
سيغنوبوس, وعلم الاجتماع على اميل دوركهايم، وقد أشرف هذا ومعه بوغليه على اطروحته
عن فلسفة ابن خلدون الاجتماعية, بمشاركة من بلوك وكازانوفا
فــــي الــــشــــعــــر الــــجــــاهــــلــــي
في عام 1926 ألف طه حسين كتابه المثير للجدل "في الشعر
الجاهلي" وعمل فيه بمبدأ ديكارت وخلص في استنتاجاته وتحليلاته أن الشعر الجاهلي
منحول، وأنه كتب بعد الإسلام ونسب للشعراء الجاهليين وزاد طه حسين فنال من الإسلام
والقرآن. فتصدى له العديد من علماء الفلسفة واللغة ومنهم: مصطفى صادق الرافعي
والخضر حسين ومحمد لطفي جمعة والشيخ محمد الخضري وغيرهم. كما قاضى عدد من علماء
الأزهر طه حسين إلا أن المحكمة برأته لعدم ثبوت أن رأيه قصد به الإساءة المتعمدة
للدين أو للقرآن. فعدل اسم كتابه إلى "في الأدب الجاهلي" وحذف منه المقاطع الأربعة
التي اخذت عليه
أفـــــــــــــــــــــــــــــكـــــــــــــــــــــــاره
دعا طه حسين إلى نهضة أدبية،
وعمل على الكتابة بأسلوب سهل واضح مع المحافظة على مفردات اللغة وقواعدها، ولقد
أثارت آراءه الكثيرين كما وجهت له العديد من الاتهامات، ولم يبالي طه بهذه الثورة
ولا بهذه المعارضات القوية التي تعرض لها ولكن أستمر في دعوته للتجديد والتحديث،
فقام بتقديم العديد من الآراء التي تميزت بالجرأة الشديدة والصراحة فقد أخذ على
المحيطين به ومن الأسلاف من المفكرين والأدباء طرقهم التقليدية في تدريس الأدب
العربي، وضعف مستوى التدريس في المدارس الحكومية، ومدرسة القضاء وغيرها، كما دعا
إلى أهمية توضيح النصوص العربية الأدبية للطلاب، هذا بالإضافة لأهمية إعداد
المعلمين الذين يقومون بتدريس اللغة العربية، والأدب ليكونا على قدر كبير من
التمكن، والثقافة بالإضافة لاتباع المنهج التجديدي، وعدم التمسك بالشكل التقليدي في
التدريس
من المعارضات الهامة التي
واجهها طه حسين في حياته تلك التي كانت عندما قام بنشر كتابه "الشعر الجاهلي" فقد
أثار هذا الكتاب ضجة كبيرة، والكثير من الآراء المعارضة، وهو الأمر الذي توقعه طه
حسين، وكان يعلم جيداً ما سوف يحدثه فمما قاله في بداية كتابه
هذا نحو من البحث عن
تاريخ الشعر العربي جديد لم يألفة الناس عندنا من قبل، وأكاد أثق بأن فريقا منهم
سيلقونه ساخطين عليه، وبأن فريقا آخر سيزورون عنه ازورار ولكني على سخط أولئك
وازورار هؤلاء أريد أن أذيع هذا البحث أو بعبارة أصح أريد أن أقيده فقد أذعته قبل
اليوم حين تحدثت به إلى طلابي في الجامعة
وليس سرا ما تتحدث به إلى
أكثر من مائتين، ولقد اقتنعت بنتائج هذا البحث اقتناعا ما أعرف أني شعرت بمثله في
تلك المواقف المختلفة التي وقفتها من تاريخ الأدب العربي، وهذا الاقتناع القوي هو
الذي يحملني على تقييد هذا البحث ونشره في هذه الفصول غير حافل بسخط الساخط ولا
مكترث بازورار المزور.
وأنا مطمئن إلى أن هذا البحث
وإن أسخط قوما وشق على آخرين فسيرضي هذه الطائفة القليلة من المستنيرين الذين هم في
حقيقة الأمر عدة المستقبل وقوام النهضة الحديثة، وزخر الأدب الجديد
مـــــــــؤلـــــــــفـــــــــاتـــــــــه
فتنة الكبرى عثمان
الفتنة الكبرى علي وبنوه
في الشعر الجاهلي
الأيام
دعاء الكروان
شجرة البؤس
المعذبون في الأرض
على هامش السيرة
حديث الأربعاء
من حديث الشعر والنثر
مستقبل الثقافة في مصر
أديب
مرآة الإسلام
الشيخان
الوعد الحق
جنة الشوك
مع أبي العلاء في سجنه
في تجديد ذكرى أبي العلاء
في مرآة الصحفي
وفـــــــــــاتـــــــــــة
توفى طه حسين يوم الأحد
28 أكتوبر 1973م
قال عنه عبَّاس محمود العقاد
إنه رجل جريء العقل مفطور على المناجزة، والتحدي فاستطاع بذلك نقل الحراك الثقافي
بين القديم، والحديث من دائرته الضيقة التي كان عليها إلى مستوى أوسع وأرحب بكثير
وقال عنه الدكتور إبراهيم مدكور اعتدّ تجربة الرأي وتحكيم العقل،
استنكر التسليم المطلق، ودعا إلى البحث، والتحري، بل إلى الشك والمعارضة، وأدخل
المنهج النقدي في ميادين لم يكن مسلَّمًا من قبل أن يطبق فيها. أدخل في الكتابة
والتعبير لونًا عذبًا من الأداء الفني حاكاه فيه كثير من الكُتَّاب وأضحى عميدَ
الأدب العربي بغير منازع في العالم العربي جميعه أنتج له عملا باسم مسلسل الايام
قام بدور البطولة أحمد زكي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق